المُفارقةُ المَنْهجيَّةُ ومَرْجِعياتُها الفِكْريَّة
. فتحُ الباب للنقاش حول موضوع "المفارقة المنهجية في الخطاب الاقتصادي السائد" لا يقتصر أثره على إغناء فهمنا لعلم الاقتصاد والرؤية الإسلامية التي يلزم بناؤها، بل تـمتد فائدته إلى سعينا الحثيث في بناء الرؤية الإسلامية للعلوم كلها، وهي رؤية للعالَم (worldview) يحقق اعتمادها ما تسعى إليه المجتمعات البشرية من مصالح دون أن تخسر شيئًا، وتطوير هذه الرؤية وممارستها سوف يكون إسهامًا مقدرًا للعقل المسلم المعاصر في حركة العلم والبحث العلمي في مجالاته وساحاته العالمية. وتكمن أهمية المفارقة المنهجية في الخطاب الاقتصادي السائد في موقع الاقتصاد الذي يكاد يحكم سائر اهتمامات المجتمع البشري المعاصر. والنقد المعاصر الذي يوجه إلى تطبيقات المنهجية الوضعية في الخطاب الاقتصادي يأتي من داخل الساحة نفسها، ذلك أنّ المعرفة عن الاقتصاد هي معرفة عن الواقع، وتعتمد على الطريقة التي نفهم فيها الواقع ونتعامل معه، فطرق البحث التي نختار من بينها متعددة، وهذا الاختيار يرتب نتائج وتبعات، ويتصل بالمشكلات المتجددة التي تتحدى المنهجية الوضعية، ويفسر ما يحدث من صراع المنهجيات، ومن انتشار ثقافة مقلقة في المجتمع البشري المعاصر، تتصف بأنها "ثقافة ما بعد الحقيقة".